تأمُّلات قصيرة لقارئ غير مُصَنَّف!

عن قارئ يهتم بروح الكتاب وليس بشكله

في ظل انشغال القُرّاء في جميع أنحاء العالم؛ في حربهم التي تورّطوا فيها دون أن يدروا. ووسط نزاعات عنيفة بسبب محاولات لإثبات وجهات نظرهم مختلفة رغم أن جميعها صحيحة! وبعيدًا عن اتهامات الأطراف المختلفة لبعضهم البعض بتصنيفات عنصرية تتناسب عكسيًا مع حصافة الرأي المتوقعة. في ظل كل ذلك تأتيني دعوات لنقاشات ثقافية أهرب منها مثلما يفرّ العاقل الأعزل من الأسد المُفترس، تدور هذه النقاشات في الإطار التالي:

  • هناك صراع أيدولوجي يحمل قضية هل سيستطيع الكتاب الإلكتروني أن يمحي الكتاب الورقي من الوجود؟
  • وهناك اتهام بأن القراءة الإلكترونية مجرد مسخ للقراءة الورقية؟
  • وهناك أسئلة وجودية إجاباتها لا تخرج عن تفضيلات شخصية لا علاقة لها بالمنطق. مثل كيف يمكنك أن تستمتع بالقراءة دون أن تزكم رائحة الورق أنفك؟ أو كيف تشعر بالمتعة دون الإحساس بلذة تقليب الصفحات؟ أو كيف ستقرأ باستخدام جهاز قارئ إلكتروني إن نفذت الكهرباء؟
  • وبأهمية وجود حقيقة غير قابلة للنقض، بأن قراءة الحروف المطبوعة، تُكسبها خاصية الالتصاق الدائم في تلافيف المخ!

فكرت كثيرًا في كتابة مقال طويل على الرد على هذه الاستفسارات، لكنني في الواقع لا أسعى أن أورّط نفسي في مثل هذا العبث، فالوقت المُتاح لنا في الحياة أثمن من أن يضيع في ترهات مثل هذه المناقشات التي لا نتيجة لها في الأغلب. وأتعجّب من أن يُضيّع الناس أوقاتهم في إثباتات لوجهات نظرهم للعالم الذي لا يهتم ساكنوه إلا بما تهوى به نفوسهم. وأتساءل كيف يحيد الناس عن بساطة الوصول إلى الحقائق، لمجرد أن الطريق الذي سلكوه إليها لا يناسب أولوياتهم الشخصية، مُتناسين أن هناك آلاف الطرق التي تؤدي إلى نفس الحقيقة!

خلاصة رأيي… لا يعنيني إن كان الكتاب الإلكتروني سيقضي على الكتاب الورقي، أو أن القراءة الورقية ستنتصر على نظيرتها الإلكترونية، ولا يضيرني إن زكمت رائحة الورق أنفي أو لا، أو إن لامست أصابعي لوحة شاشة باردة بدلًا من ورقة مكتوبة. فالخيال عندي تحثّه الكلمة ومعناها وليس كيفية كتابتها. سأقرأ في الكتاب الورقي إن كنت أشعر بأنه يتوجّب عليّ القيام بذلك لأسباب دراسية أو من أجل أسباب أخرى. كما أنني بالتأكيد سأترك جهاز القراءة الإلكتروني وأقرأ كتاب ورقي إن لم أجد كهرباء، تمامًا مثلما كنت أمشي إلى مدرستي سيرًا على الأقدام عندما أجد عجلة دراجتي مثقوبة، ولا أجد في جيبي ما يكفي من نقود كي أستقل سيارة أجرة.

أنا مجرد انسان يُحب القراءة لدي كتُب ورقية وكُتب إلكترونية، وأقلام لا أحب أن أكتب بها على الورق في كثير من الأيام!

أحب ما أفعله وأقوم به بكل إخلاص… وأرى أن هذا فقط ما يمنحني السعادة.

لهذا سأنأى بنفسي عن ذلك كله وأقرأ… فقط أقرأ…

أحمد فؤاد – 5 أيار2019

الكاتب: أحمد فؤاد

كاتب وروائي... أرسم حروفًا على الورق لخلق بُعد آخر لهذا العالم.

فكرة واحدة بشأن "تأمُّلات قصيرة لقارئ غير مُصَنَّف!"

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

حبيبة

محاولة مستمرة للبحث عن معنى

أزهار البنفسج

الصوتُ لا الصدى .. الصورة لا إنعكاسُها

مدونة كافيين

هُنا كل مايخص الكتابة، ونمط الحياة، والتخطيط ومحاولات النمو الذاتي..

berobooks

يوميات قارئة | ‏بين دفتي ⁧‫الكتب‬⁩ تجد أجزاء مني متشبثه بسن حرف. ‏⁧‫ أضع هنا اختياراتي من الكتب بجانب يومياتي و قهوتي

%d مدونون معجبون بهذه: