كائن يحب المبالغات

أنا كائن أحب المبالغات، وأرى أن المبالغات هي الحافز الذي يعطي للحياة معنى

لا أستطيع العيش وسط انفعالات باردة، وكلام محفوظ.

عندما أحب… أحتضن حبيبتي وأراقصها وندور في رقصتنا كما تسبح الكواكب في الفضاء.

وعندما تتحدث… أثمل بهمساتها، وأسير كالمُسرنم خلف براءتها؛ فيُخيّل لي أن قلبي يستمد دقّاته من عذوبتها! 

نعم أحب المبالغات، فتكون كلماتي بين الحين والآخر حارة مُفعمة بالعاطفة.

وأن تفيض عيناي بالدموع عندما أحتضن ابنتي يوم ولادتها أو عند ذهابها للمدرسة في اليوم الأول أو يوم تتركني في يوم زفافها.

وأن ألعب مع الأطفال بكل اندفاع وكأنني طفل مثلهم لم يدرك بعد مرارة النضج.

وأن أركب دراجةً في يوم ربيعي وأنطلق بها فتعتريني النشوة عندما أشعر بالهواء يملأ صدري، وأصرخ مُطلقاً آهات مكبوتة من حياة روتينية وتعاملات سخيفة من البشر.

وأن أشاهد فيلمًا أو أقرأ رواية فأتأثر بها أيامًا، ويعتريني الألم من أجل أبطالها، أو تغمرني البهجة لسعادتهم وكأنني قد شاركتهم أحداثها.

وأن أستحضر كل لحظاتي الحلوة مع أبي -رحمه الله- عندما أقف أمام قبره، وأدعو له راجيًا أن يغفر الله خطاياه.

وأن أخبر أمي -حفظها الله- في كل يوم أنني أحبها.

وأن أبكي عند مناجاتي لربّي وكأنني أحمل أوزار الدنيا على كتفي.

وأن أبتهج فتغمرني السعادة بعد صلاتي واستغفاري وكأن ذنوبي قد غُفرت جميعها!

نعم… أعترف بأنني أحب المبالغات وأرى أن العالم بدونها لا يستحق الحياة!

فنحن نرتوي بالكلمات والعاطفة والمبالغات، فتورف قلوبنا اخضرارًا مُزهرًا يلوّن أيامنا بالسعادة. نُعتّق تِلك اللحظات بعناية كي نستعيدها كذكرى في يوم ما؛ يوم تكون فيها أرواحنا بلون الماء؛ بعدما يتسرّب الناس من حولنا، وتلملم الدنيا بهجتها من عالمنا.

أنا كائن أحب المبالغات؛ لأنها هي ما يُبقيني في الواقع على قيد الحياة!

أحمد فؤاد – 9 حزيران يونيو 2020

الكاتب: أحمد فؤاد

كاتب وروائي... أرسم حروفًا على الورق لخلق بُعد آخر لهذا العالم.

رأيان حول “كائن يحب المبالغات”

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

حبيبة

محاولة مستمرة للبحث عن معنى

أزهار البنفسج

الصوتُ لا الصدى .. الصورة لا إنعكاسُها

مدونة كافيين

هُنا كل مايخص الكتابة، ونمط الحياة، والتخطيط ومحاولات النمو الذاتي..

berobooks

يوميات قارئة | ‏بين دفتي ⁧‫الكتب‬⁩ تجد أجزاء مني متشبثه بسن حرف. ‏⁧‫ أضع هنا اختياراتي من الكتب بجانب يومياتي و قهوتي

%d مدونون معجبون بهذه: